الأطفال هؤلاء الأنسجة الحية التي تغذي خلايا المجتمع ومن نموهم يعلو كيانه البشري وترتص طبقاته فهل تتوفر الشروط الموضوعية في تشريعاتنا لدعم هذا النمو وهل تتواءم هذه التشريعات مع المبادئ العالمية لحقوق الطفل والاتفاقيات الدولية ذات الشأن وأين مصلحة الطفل من كل ذلك؟؟
دوليا: اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44/25في 20/11/1989وبتاريخ نفاذ في 2أيلول 1990وفق المادة 49: اعتبرت الطفل فيها كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه.
وجاءت الاتفاقية على مبادئ رئيسية منها: عدم خضوع الطفل لأي نوع من أنواع التمييز بغض النظر عن العنصر والجنس واللغة والدين والرأي السياسي له ولوالديه أو الأصل القومي أو الأثني أو الاجتماعي أو الثروة , مع فرض واجب تشريعي على الدول الأعضاء باتخاذ كافة التدابير لحماية الطفل من كل أشكال التمييز بمراعاة مصلحة الطفل الفضلى فهو إضافة لحقه الأصلي في الحياة والبقاء والنمو يمتلك حقوقا اقتصادية واجتماعية وثقافية وكذلك الحق في اكتساب جنسية وله الحق في عدم الفصل عن والديه عن كره منهما الاّ إذا كانت مصلحته هي الأساس في ذلك مع تأمين الصلات والعلاقات الشخصية في حال الانفصال بينهما وبينه.
ولكل طفل الحق في التعبير عن آرائه والاستماع إليه في أي إجراءات قضائية وإدارية تمسه مع احترام حقه في حرية الفكر والوجدان والدين وتكوين الجمعيات وله الحق في حرية الاجتماع السلمي هذا إضافة لحقه بالحصول على المعلومات والمعرفة عن طريق الإعلام الذي يجب أن يولي عناية خاصة للاحتياجات اللغوية للطفل مع المبادئ التي تحمي الطفل من المعلومات الضارة لصالحه.
أما في المجال الصحي له الحق بالتمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وبحقه في مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي مع واجب الدولة في بذل قصارى جهدها لتضمن الاّ يحرم أي طفل من حقه في الحصول على خدمات الرعاية الصحية هذه وحقه المماثل في الضمان الاجتماعي والتعليم الموجه مع حق الراحة ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة , كما له الحق في عدم الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيرا أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل أو ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي – مع واجب على الدول باتخاذ التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية التي تكفل تطبيق هذه المواد وغيرها.
ومن العودة للواقع العملي والتشريعي للأطفال في بلدنا ماذا نرى؟
وهل تنفذ هذه الاتفاقية التي صادقت عليها سورية مع بعض التحفظات؟
1- ليس لدينا في تشريعاتنا أي تشريع خاص بالطفل والطفولة وحمايتها والتي كفل الدستور السوري حمايتها ورعايتها من قبل الدولة المادة44 منه القائلة في الفقرة الثانية من هذه المادة (تحمي الدولة الزواج وتشجع عليه وتعمل على إزالة العقبات المادية والاجتماعية التي تعوقه وتحمي الدولة الأمومة والطفولة وترعى النشأ والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم ورغم قصور هذا النص وعموميته فأن الحماية تشمل كافة أنواع الحماية الصحية النفسية والقانونية والتعليمية والتربوية..
2- نرى قصورا في كافة المناهج التدريسية في إيصال المعلومات المفيدة والموجهة لمصلحة الطفل و في أسلوب إيصال المعلومات وتلقيها وفي الوقت المتاح فمناهجنا تعتمد التلقين والانقياد الخالي من أسلوب التعلم نظري يثقل الطلاب بالفروض ويهدر حقهم في اللعب ويقلل فرص الإبداع مع انعدام لدور الطالب وهو بمختلف مراحله لايهيئ شبابنا لأسواق العمل الجديدة أنه مجرد تعلم للقراءة والكتابة حتى أنه لايعلم التفكير وهذا يجعل كل إنفاق على تعليم لايؤهل لعمل مناسب للزمن المناسب هدر يجب أن تضع هيئة تخطيط الدولة حدا له.
3-عدم وجود تشريع يضمن للطفل بقائه مع حاضنته أوحاضنه في منزل مستقل للأسرة حين انفصال الوالدين أو فقد أحدهما لتأمين الرعاية الصحيحة والاستقرار الأسري وعدم أخذ رأيه ومراعاة مصلحته.
4-وعند انفصال الأبوين أو حاجة الطفل للحكم له بالنفقة لأي سبب يكون الحكم بمبلغ لا يؤمن الجزء القليل جدا من الأساسيات المعاشية للطفل وهذا ما قد يضطره للعمل وترك الدراسة وخسارة كامل حقوق الطفولة التي ذكرناها
5- لا تتوفر أماكن أسرية بحيث تؤمن لمحروم الوالدين ورعايتهما أو أحدهما لأي سبب الرعاية السليمة والتي تقيه من إمكانية التشرد والضياع.
6-لا يوجد قانون للضمان الاجتماعي للطفل ووالديه ليعيش حياة طفولة سليمة معافاة.
7- التأمين الصحي غير متوفر للطفل وبالتالي يتأثر واقعه الصحي بحالة أبويه المادية والاقتصادية في تلقي الرعاية الصحية والعلاج.
8- ملاعب الأطفال شوارع وأزقة الحارات حيث لا ملاعب ولامسابح ولا أماكن ترفيه أوتسلية وليس كل ما يعود على الطفل بالفائدة وقت فراغه بمتناول جميع الأطفال وذويهم بل لفئات مقتدرة فقط رغم قلتها.
9- يحرم الطفل قانونا من حق اكتساب جنسية أمه السورية في حال زواجها من غير سوري وهذا إجحاف كبير بحق الطفل نفسه ومصلحته.
10- يعمل الأطفال في المعامل والمنشأت الخاصة والمزارع والمحلات التجارية وأحيانا في أعمال خاصة بالأسرة بأعمال ضارة بالصحة ودون أي تأمين على حياتهم ووضعهم القانوني والاجتماعي ودون رقابة أو تنفيذ فعلي للتدابير التشريعية القائمة.
11- يعمل الأطفال باعة جوالون في الشوارع وغيرها أعمال لاتتناسب مع طفولتهم وسنهم ومستلزمات نشأتهم الصحيحة.
12- قانونا مباح زواج الأطفال والذي قد يسبب ويلحق أكبر ضرر جسدي وصحي ونفسي بهما.
13- أما إعلاميا فما يتلقاه الطفل من برامج من العاب معسكرة إلى أفلام رعب وعنف وقتل وتدمير وغيره من الأفلام الإباحية واستغلال الطفل كمادة إعلانية وغيرها الكثير كل هذا يبني لديه شخصية عنيفة ويتنافى مع حقه بتلقي المعرفة والعلم عن طريق الإعلام الموجه.
هذا غيض من فيض وكله يوجب اتخاذ تدابير تشريعية سريعة حماية للطفل والطفولة وتطبيقا للمواثيق الدولية والدستور السوري من أهمها:
1- إقرار قانون شامل لحماية الطفولة يمنح فيه الطفل كافة حقوقه ويحدد واجباته وكيفية توفير الرعاية الأسرية ويعالج القصور فيها ويمنع تعرض الطفل لأي تمييز أوعنف ويعاقب فاعله من قبل محاكم مختصة تراعي مصلحة الطفل والأسرة.
2- تدريس مادة التربية الأسرية والتفاهم الأسري بعيدا عن أي نظرة دونية للمرأة أو أي طرف على حساب أخر.
3- تعديل قانون الأحداث الجانحين بحيث يصبح قانون حماية للطفل وحقوقه وليس مجرد إجراءات واسالبيب وتدابير إصلاح بعد وقوع الفعل مع تفعيل كافة المواد المعطلة على أرض الواقع مثل تخصيص شرطة للإحداث في كل محافظة تتولى النظر في كال ما شأنه حماية الأحداث.
4- تعديل نظام التعليم والمناهج بما يتناسب مع الدستور في ضرورة أن يكون نظام يهدف إلى إنشاء جيل علمي التفكير ويساهم في خدمة الإنسانية وتقدمها وبما يشجع الكفاءات والإبداع والمواهب.
5- توحيد السن الدنيا للتشغيل قانونا في كافة تشريعاتنا وجعلها بما يتلاءم مع مصلحة الطفل في إتمامه نومه وبقائه والنص صراحة على ذلك دون أن يترك المجال لموافقة الأهل أوالوزير وتعديل الجزاء على المخالفة بما يجبر الضرر مع إغلاق المحل الذي عمل فيه الحدث لردع هذه الظاهرة الخطيرة.
6- إنشاء هيئة وطنية لحماية الطفولة ومكافحة عمالة الأطفال ذات شخصية اعتبارية تملك صلاحيات واسعة في الادعاء وتوفير وسائل الحماية.
7- إلغاء زواج الأطفال وتحديد سن أدنى للزواج ب18سنة للطرفين.
8- منح المرأة السورية الحق في منح جنسيتها لأولادها وذلك لمصلحة الطفل أولا.
9- تأمين مسكن له ولحاضنته أو حاضنه حين انفصال الأبوين وأخذ رأي الطفل ومصلحته في الدرجة الأولى.
10-إقرار الضمان الصحي والاجتماعي وزيادة قيمة النفقة المحكوم بها في المحاكم الشرعية والروحية بما يتناسب وحقوق الطفل.
إن الدستور السوري والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها سورية تفرض واجبا تشريعيا باتخاذ كافة التدابير لحماية الطفولة بما يتناسب مع تطور بلدنا ويرفده بجيل قادر على البناء والعطاء.
وكل عام وجميع أطفال العالم بألف خير
بمناسبة اليوم العالمي للطفل (25/6 من كل عام)